سلوني قبل ان تفقدوني

الموضوع في 'صحراء الإسلام' بواسطة ناروتو الثعلب^^, بتاريخ ‏21 نوفمبر 2009.

[ مشاركة هذه الصفحة ]

  1. عن الأصبغ بن نباتة قال : لما جلس علي ( ع ) في الخلافة
    وبايعه الناس خرج إلى المسجد متعمما بعمامة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لابسا بردة رسول الله
    متنعلا نعل رسول الله ، متقلدا سيف رسول الله فصعد المنبر فجلس عليه متكئا ثم شبك
    بين أصابعه فوضعها أسفل بطنه ثم قال يا معشر الناس سلوني قبل أن تفقدوني هذا سفط
    العلم هذا لعاب رسول الله ، هذا ما زقني رسول الله زقا ، سلوني فإن عندي علم الأولين
    والآخرين ، أما لو ثنيت لي الوسادة فجلست عليها لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم
    حتى تنطق التوراة فتقول : صدق علي ما كذب ، لقد أفتاكم بما أنزل الله في ، وأفتيت
    أهل الإنجيل بإنجيلهم حتى ينطق الإنجيل فيقول : صدق علي ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل
    الله في ، وأفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتى ينطق القرآن فيقول صدق علي ما كذب ، لقد
    أفتاكم بما أنزل الله في وأنتم تتلون القرآن ليلا ونهارا فهل فيكم أحد يعلم ما أنزل فيه
    ولولا آية في كتاب الله عز وجل لأخبرتكم بما كان وبما يكون وما هو كائن إلى يوم
    القيامة وهي هذه الآية ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) ثم قال ( ع )
    سلوني قبل أن تفقدوني فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو سألتموني عن آية آية في ليل أنزلت
    أو في نهار مكيها ومدنيها ، وسفريها وحضريها ، وناسخها ومنسوخها ، محكمها ومتشابهها
    وتأويلها وتنزيلها ، لأخبرتكم فقام إليه رجل يقال له ذعلب وكا ذرب اللسان بليغا في
    الخطب ، شجاع القلب فقال : لقد ارتقى ابن أبي طالب مرقاة صعبة لأخجلنه اليوم لكم في
    مسألتي إياه فقال : يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك ؟ فقال : ويلك يا ذعلب لم أكن
    بالذي أعبد ربا لم أره . قال : فكيف رأيته صفه لنا ؟ قال : ويلك لم تره العيون بمشاهدة
    الابصار ، ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان ، ويلك يا ذعلب إن ربي لا يوصف بالبعد
    ولا بالحركة ولا بالسكون ، ولا بقيام قيام انتصاب ، ولا بجيئة ولا بذهاب ، لطيف
    اللطافة لا يوصف باللطف عظيم العظمة لا يوصف بالعظيم ، كبير الكبرياء لا يوصف
    بالكبر ، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظة ، رؤوف بالرحمة لا يوصف بالرقة ، مؤمن
    لا بعبادة ، مدرك لا ببصر ، قائل لا بلفظ ، هو في الأشياء لا علي ممازجة ، خارج منها
    على غير مباينة ، فوق كل شئ ولا يقال شئ فوقه ، إمام كل شئ ، ولا يقال له إمام
    داخل في الأشياء لا كشئ في شئ ، داخل وخارج منها لا كشئ من شئ خارج فخر
    ذعلب مغشيا عليه ثم قال : تالله ما سمعت بمثل هذا الجواب والله لا عدت إلى مثلها ثم
    قال ( ع ) : سلوني قبل أن تفقدوني فقام إليه الأشعث بن قيس فقال : يا أمير المؤمنين كيف
    تؤخذ من المجوس الجزية ولم ينزل عليهم كتاب ولم يبعث عليهم نبي ؟ فقال ( ع ) بلى يا أشعث
    قد أنزل الله عليهم كتابا وبعث إليهم نبيا ، وكان لهم ملك سكر ذات ليلة فدعا بابنته إلى
    فراشه فأرتكبها ، فلما أصبح تسامع به قومه فاجتمعوا إلى بابه فقالوا : أيها الملك دنست علينا
    ديننا فأهلكته فأخرج نطهرك ونقم عليك الحد . فقال : اجتمعوا وأسمعوا كلامي
    فإن يكن لي مخرجا مما ارتكبت وإلا فشأنكم فاجتمعوا فقال لهم : هل علمتم إن الله عز
    وجل لم يخلق خلقا أكرم من أبينا آدم وأمنا حواء ؟ قالوا : صدقت أيها الملك . قال :
    أفليس قد زوج بنيه من بناته وبناته من بنيه ؟ قالوا : صدقت هذا هو الدين فتعاقدوا على
    ذلك فمحى الله ما في صدورهم من العلم ، ورفع عنهم الكتاب فهم الكفرة يدخلون النار
    بلا حساب ، والمنافقين أشد حالا منهم . فقال الأشعث : والله ما سمعت بمثل هذا
    الجواب والله لا عدت إلى مثلها أبدا ثم قال : سلوني قبل أن تفقدوني فقام إليه رجل من
    أقصى المسجد متوكيا على عكازه فلم يزل يتخطى الناس حتى دنا منه فقال : يا أمير المؤمنين
    دلني على عمل إذا أنا عملته نجاني الله من النار . فقال ( ع ) له : أسمع بهذا ثم أفهم ثم
    استيقن قامت الدنيا بثلاثة : بعالم ناطق مستعمل لعلمه ، وبغني لا يبخل بماله على أهل
    دين الله عز وجل ، وبفقير صابر ، فإذا كتم العالم علمه ، وبخل الغني ، ولم يصبر الفقير
    فعنده الويل والثبور ، وعندها يعرف العارفون الله إن الدار قد رجعت إلى بدءها أي
    الكفر بعد الايمان أيها السائل فلا تغترن بكثرة المساجد ، وجماعة أقوام أجسادهم
    مجتمعة وقلوبهم شتى ، أيها الناس . الناس ثلاثة : زاهد ، وراغب ، وصابر ، فأما الزاهد فلا
    يفرح بشئ من الدنيا إذا أتاه ، ولا يحزن على شئ منها فاته ، وأما الصابر فيتمناها بقلبه فإن
    أدرك منها شيئا صرف عنها نفسه لما يعلم من سوء عاقبتها ، وأما الراغب فلا يبالي من
    حل أصابها أم من حرام قال : يا أمير المؤمنين فما علامة المؤمن في ذلك الزمان ؟ قال :
    ينظر إلى ما أوجب الله عليه من حق فيتولاه وينظر إلى ما خالفه فيتبرء منه وإن كان
    حبيبا قريبا قال : صدقت والله يا أمير المؤمنين ثم غاب الرجل فلم نره وطلبه الناس فم
    يجدوه فتبسم علي ( ع ) على المنبر ثم قال : ما لكم هذا أخي الخضر ( ع ) ثم قال ( ع ) :
    سلوني قبل أن تفقدوني . فلم يقم إليه أحد فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم