رمت بجسدها الرقيق داخل البحر وأخذت تسبح في مياهه الدافئة فنظرت إلى أعلى فإذا هو كأنه ينظر إليها فوجمت خجلاً وأخذت تحاول أن تخفي جسدها داخل الماء لكن نظراته تلاحقها وتتابعها.. أبعدت خصلات شعرها المبتلة عن وجهها ودفعت عينيها إليه بحياءٍ شديد وحاولت أن تلقي عليه التحية لكن فمها أقفل ولسانها تجمد.. رغم تسارعت دقات قلبها وكان خجلها شديداً إلا أنها استطاعت أن تلقي عليه التحية لكن كعادته اكتفى بالصمت، فأخذت تفكر أيعقل أن يكون أجمل ما في الكون ينظر لها؟ إنها أسعد فتاة إذن.. وبينما هي غارقة بالتفكير عنه وعن مزاياه وعن كلام الناس عنه إذا بضوئه يحتجب شيئاً فشيئاً وكأنه لا يريد فراقها لكن القدر يحتم عليه ذلك، نظر إليها نظرة الوداع وكأن لسان حاله يقول: (غداً نلتقي بنفس الزمان ولأي مكان ذهبتِ ستجدينني هناك) ثم ودعها وذهب!! نزلت من عينيها دمعة حارة وكأنها تريد أن تمسك به ولكنها لم تستطع.. حلت الشمس مكانه وذهب هو إلى العالم الآخر.. خرجت الفتاة من البحر وجلست على الشاطئ وأخذت تكتب له كلمات تعبر بها عن شعورها ناحيته، فكتبت: (لمَ تركتني وحيدة أصارع الموج؟ لمَ ودعتني بكل تلك السهولة؟ لمَ ذهبت لترى فتاة أخرى؟ لمَ تركتني بعد أن تعلقت بك وتمنيت أن أمضي حياتي كلها معك؟ لمَ رحلت بعد أن جعلتني أحس أني أسعد فتاة في الكون؟ أأنتم معشر الرجال جميعكم هكذا.. الغدر يمشي في عروقكم؟ ولكن أنت لست منهم.. أنت فريد أنت فقط الذي أسلمتك قلبي وروحي وأنفاسي المتصاعدة في لحظة، أنت الذي جعلتني أتشبث بك، أنت الذي خلقت الغيرة في داخلي، لمَ لا تعود إليَّ لنعيش أنا وأنت فقط؟ أعدك ألا أفارقك أبداً مهما حصل.. عفواً.. من المؤكد أنك أحسست أني فتاة أنانية، ليس هذا السبب.. بل لأنك أنت جميل.. جميل.. ماذا أفعل هل أحتمل فراقك وأسكت؟ أم ماذا أفعل؟ وكتبت في آخر رسالتها: (تقبل تحياتي ولا تنسني).. قامت وإذا ملابسها المبتلة قد جفت. وقفت أمام الشمس وحاولت أن تتقرب لها بكل السبل وتطلب منها أن توصل تلك الرسالة إليه لكن الشمس وهي تتوسل إليها ذهبت ليحل هو مكانها. خجلت الفتاة وأحست أنه سمع كل ما كانت تقوله للشمس عنه فرمت له الرسالة بكل خفة وهربت بعيداً جداً، أخذ الموج الرسالة وبدأ يقلبها هنا وهناك وكأنه يريد أن يرمي بها إلى القمر وأخذ الحبر يسيل في جنبات الورقة نظرت إلى القمر نظرة وداع وهربت إلى حديقة مجاورة.