حوار مع مراهقة في منتصف الليل

الموضوع في 'المنتدى العام' بواسطة demon fox, بتاريخ ‏11 يناير 2008.

[ مشاركة هذه الصفحة ]

  1. حوار مع مراهقة في منتصف الليل
    قلوب حائرة.. ونفوس تائهة

    رنين الهاتف يعلو شيئاً فشيئاً.. وفاطمة تغط في سبات عميق لم يقطعه إلا ذلك الرنين المزعج. فتحت (فاطمة) عينيها ونظرت في الساعة الموضوعة على المنضدة بجوارها فإذا بها تشير إلى الثانية والربع بعد منتصف الليل!! لقد كانت فاطمة تنتظر مكالمة مهمة.. من خارج البلاد.. وحين رن الهاتف في هذا الوقت المتأخر ظنت أنها هي المكالمة المقصودة فنهضت على الفور من فراشها ورفعت سماعة الهاتف، وبادرت قائلة: نعم!! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



    فسمعت على الطرف الآخر صوتاً أنثوياً ناعماً يقول:

    لو سمحت!!.. هل من الممكن أن نسهر الليلة سوياً عبر سماعة الهاتف؟!! فردت عليها باستغراب ودهشة قائلة: ماذا تقولين؟!! من أنتِ؟!!..



    فردت عليها: أنا اسمي (أشواق).. وأرغب في التعرف عليك.. وأن نكون أصدقاء وزملاء(!!!).. فهل عندك مانع؟!!



    أدركت (فاطمة) أن هذه فتاة تائهة حائرة.. لم يأتها النوم بالليل.. لأنها تعاني من أزمة نفسية أو عاطفية.. فأرادت أن تهرب منها بالعبث بأرقام الهاتف!!



    فقالت مستغربة: عفواً.. ولماذا تريدين الحديث معي؟

    فقالت لها: لقد سمعت عنك الكثير من بعض زميلاتي في الكلية.. وقرأت لك بعض المؤلفات.. فأعجبني أسلوبها العاطفي الرقيق.. والأذن تعشق قبل العين أحياناً.



    قالت لها فاطمة: إذن أخبريني بصراحة كيف تقضين الليل؟!!

    فقالت لها: أنا في كل ليلة أحادث ثلاثة أو أربعة شباب!! أنتقل من رقم إلى رقم ومن شاب إلى شاب عبر الهاتف.. أعاكس هذا.. وأضحك مع هذا.. وأمنّي هذا وأعد هذا.. وأكذب على هذا.. وأسمع قصائد الغزل من هذا.. وأستمع إلى أغنية من هذا.. وهكذا دواليك حتى قرب الفجر!!.. وأردت الليلة أن أتصل بك.. لأرى هل أنت مثلي!! أم أنك تختلفين عني؟!..



    فاطمة: ومع من كنتِ تتكلمين قبل أن تهاتفيني؟!

    سكتت قليلاً.. ثم قالت: بصراحة.. كنت أتحدث مع (وليد).. إنه شاب وسيم أنيق!!..

    رمى لي الرقم اليوم في السوق.. فاتصلت به وتكلمت معه قرابة نصف الساعة!!..



    فقالت لها (فاطمة) على الفور: ثم ماذا؟!!.. هل وجدتِ لديه ما تبحثين عنه؟!!

    فقالت بنبرة جادة حزينة: بكل أسف.. لم أجد عنده ولا عند الشباب الكثيرين الذين كلمتهم عبر الهاتف أو قابلتهم وجهاً لوجه ما أبحث عنه!!.. لم أجد عندهم ما يشبع جوعي النفسي.. ويروي ظمئي الداخلي!!..



    سكتت قليلاً.. ثم تابعت: إنهم جميعاً شباب مراهقون شهوانيون!!.. خونة.. كذبة.. مشاعرهم مصطنعة.. وأحاسيسهم الرقيقة ملفقة.. وعباراتهم وكلماتهم مبالغ فيها.. تخرج من طرف اللسان لا من القلب.. ألفاظهم أحلى من العسل .. وقلوبهم قلوب الذئاب المفترسة.. كلهم تهمهم أنفسهم فقط.. ولم أجد فيهم إلى الآن – على كثرة من هاتفت من الشباب- من يهتم بي لذاتي ولشخصي!!.. كلهم يحلفون لي بأنهم يحبونني ولا يعشقون غيري.. ولا يريدون زوجة لهم سواي!!..



    وأنا أعلم أنهم في داخلهم يلعنونني ويشتمونني!!.. كلهم يمطرونني عبر السماعة بأرق الكلمات وأعذب العبارات.. ثم بعد أن يقفلوا السماعة.. يسبونني ويصفونني بأقبح الأوصاف والكلمات!!



    إن حياتي معهم حياة خداع ووهم وتزييف!!.. كل منا يخادع الآخر.. ويوهمه بأنه يحبه!!



    وهنا قالت لها فاطمة: ولكن أخبريني: ما دمتِ لم تجدي ضالتك المنشودة.. عند أولئك الشباب التائهين التافهين.. فهل من المعقول أن تجديها عندي؟ أنا لم أفهم إلى الآن ما هو المطلوب مني؟



    فقاطعتها قائلة: بالعكس.. أشعر- ومثلي كثير من الفتيات- أن ما نبحث عنه موجود لدى الصالحين أمثالك؟!!.. إننا نبحث عن العطاء والوفاء.. نبحث عن الأمان.. نطلب الدفء والحنان.. نبحث عن الكلمة الصادقة التي تخرج من القلب لتصل إلى أعماق قلوبنا.. نبحث عمن يهتم بنا ويراعي مشاعرنا .. نبحث عمن يكون لنا أخا رحيما.. وأبا حنونا.. وزوجا صالحا!!



    إننا باختصار نبحث عن السعادة الحقيقية في هذه الدنيا!!.. نبحث عن معنى الراحة النفسية.. نبحث عن الصفاء.. عن الوفاء.. عن البذل والعطاء!!



    (فاطمة): والدموع تحتبس في عينيها حزناً على هذه الفتاة التائهة الحائرة: يبدو أنكِ تعانين من أزمة نفسية.. وفراغ روحي.. وتشتكين هماً وضيقاً داخلياً مريراً.. وحيرة وتيهاً وتخبطا.. وتواجهين مأساة عائلية.. وتفككاً أسرياً!!



    فقالت لها: أنت أول شخص يفهم نفسيتي ويدرك ما أعانيه من داخلي !

    فاطمة: إذن حدثيني عنك وعن أسرتك قليلا.. لتتضح الصورة عندي أكثر.

    فقالت لها: أنا أبلغ من العمر عشرين عاما.. وأسكن مع عائلتي المكونة من أبي وأمي.. وثلاثة أخوة وثلاث أخوات.. وإخوتي وأخواتي جميعهم تزوجوا إلا أنا وأخي الذي يكبرني بعامين.. وأنا أدرس في الجامعة.



    فقالت فاطمة: وماذا عن أمك؟ وماذا عن أبيك؟

    فقالت: أبي رجل غني مقتدر ماليا.. أكثر وقته مشغول عنا.. بأعماله التجارية وهو يخرج من الصباح.. ولا أراه إلا قليلا في المساء.. وقلما يجلس معنا.. والبيت عنده مجرد أكل وشرب ونوم فقط.. ومنذ أن بلغت.. لم أذكر أنني جلست مع أبي لوحدنا.. أو أنه زارني في غرفتي.. مع أنني في هذه السن الخطيرة في أشد الحاجة إلى حنانه وعطفه.. آه!! كم أتمنى أن أجلس في حضنه.. وأرتمي على صدره.. ثم أبكي وأبكي وأبكي! لتستريح نفسي ويهدأ قلبي!!



    وهنا أجهشت أشواق بالبكاء

    بعد أن هدأت أشواق.. واصلت حديثها قائلة:

    لقد حاولت أن أقترب منه كثيراً.. ولكنه كان يبتعد عني.. بل إنني في ذات مرة.. جلست بجواره واقتربت منه.. ليضمني إلى صدره.. وقلت له:



    إنني محتاجة إليك يا أبي فلا تتركني أضيع.

    فعاتبني قائلا: لقد وفرت لكِ كل ما تتمناه أي فتاة في الدنيا!!.. فأنتِ لديك أحسن أكل وشرب ولباس وأرقى وسائل الترفيه الحديثة.. فما الذي ينقصك؟



    سكت قليلاً.. وتخيلت حينها أنني أصرخ بأعلى صوتي قائلة: أبي: أنا لا أريد منك طعاماً ولا شرابا ولا لباسا.. ولا ترفاً ولا ترفيها.. إنني أريد منك حنانا.. أريد منك أمانا.. أريد صدراً حنونا.. أريد قلبا رحيما.. فلا تضيعني يا أبي!



    ولما أفقت من تخيلاتي.. وجدت أبي قد قام عني.. وذهب لتناول طعام الغداء.



    وهنا قالت لها (فاطمة) هوني عليك.. فلعل أباكِ نشأ منذ صغره محروما من الحنان والعواطف الرقيقة.. وتعلمين أن فاقد الشيء لا يعطيه!.. ولكن ماذا عن أمك؟ من المؤكد أنها حنونة رحيمة، فإن الأنثى بطبعها رقيقة مرهفة الحس..



    قالت أشواق: أمي أهون من أبي قليلا.. ولكنها بكل أسف.. تظن أن الحياة أكل وشرب ولبس وزيارات فقط.. لا يعجبها شيء من تصرفاتي.. وليس لديها إلا إصدار الأوامر بقسوة.. والويل كل الويل لي إن خالفت شيئاً من أوامرها.. و(قاموس شتائمها) أصبح محفوظاً عندي.. لقد تخلت عن كل شيء في البيت ووضعته على كاهلي وعلى كاهل الخادمة.. وليت الأمر وقف عند هذا.. بل إنها لا يكاد يرضيها شيء.. ولا هم لها إلا تصيد العيوب والأخطاء.. ودائماً تعيرني بزميلاتي وبنات الجيران الناجحات في دراستهن، أو الماهرات في الطبخ وأعمال البيت.. وأغلب وقتها تقضيه في النوم، أو زيارة الجيران وبعض الأقارب، أو مشاهدة التلفاز.. ولا أذكر منذ سنين أنها ضمتني مرة إلى صدرها، أو فتحت لي قلبها.



    قالت لها (فاطمة): وكيف هي العلاقة بين أبيك وأمك؟

    فقالت أشواق: أحس وكأن كلا منهما لا يبالي بالآخر.. وكل منهما يعيش في عالم مختلف.. وكأن بيتنا مجرد فندق.. تجتمع فيه للأكل والشرب والنوم فقط.

    حاولت فاطمة أن تعتذر لأمها قائلة: على كل حال.. هي أمك التي ربتك.. ولعلها هي الأخرى تعاني من مشكلة مع أبيك.. فانعكس ذلك على تعاملها معك فالتمسي لها العذر.. ولكن هل حاولت أن تفتحي لها قلبك وتقفي إلى جانبها؟ فهي بالتأكيد مثلك تمر بأزمة داخلية نفسية!



    فقالت أشواق مستغربة: أنا أفتح لها صدري؟ وهل فتحت هي لي قلبها؟ إنها هي الأم ولست أنا.. إنها وبكل أسف.. قد جعلت بيني وبينها- بمعاملتها السيئة لي- جداراً وحاجزاً لا يمكن اختراقه.



    فقالت لها (فاطمة): ولماذا تنتظرين أن تبادر هي إلى تحطيم ذلك الجدار؟!!.. لماذا لا تكونين أنتِ المبادرة؟!! لماذا لا تحاولين الاقتراب منها أكثر؟!!



    فقالت: لقد حاولت ذلك.. واقتربت منها ذات مرة.. وارتميت في حضنها.. وأخذت أبكي وأبكي.. وهي تنظر إلى باستغراب!!

    وقلت لها:

    أماه: أنا محطمة من داخلي.. إنني أنزف من أعماقي!! .. قفي معي.. ولا تتركيني وحدي.. إنني أحتاجك أكثر من أي وقت مضى!!



    فنظرت إليّ مندهشة!!.. ووضعت يدها على رأسي تتحسس حرارتي ثم قالت:

    ما هذا الكلام الذي تقولينه؟! إما أنكِ مريضة!!.. وقد أثر المرض على تفكيرك.. وإما أنكِ تظاهرين بالمرض.. لأعفيكِ من بعض أعمال المنزل.. وهذا مستحيل ثم قامت عني ورفعت سماعة التليفون تحادث إحدى جاراتها.. فتركتها وعدت إلى غرفتي.. أبكي دماً في داخلي قبل أن أبكي دموعاً!!..



    ثم انخرطت الفتاة في بكاء مرير!

    حاولت (فاطمة) أن تغير مجرى الحديث فسألتها: وما دور أخواتك وأخوتك الآخرين؟

    فقالت: إنه دور سلبي للغاية!!.. فالإخوان والأخوات المتزوجات.. كل منهم مشغول بنفسه.. وإذا تحدثت معهم عن مأساتي.. سمعت منهم الجواب المعهود:

    وماذا ينقصك؟ احمدي ربك على الحياة المترفة التي تعيشين فيها.



    وأما أخي غير المتزوج فهو مثلي حائر تائه.. أغلب وقته يقضيه خارج المنزل.. مع شلل السوء ورفقاء الفساد.. يتسكع في الأسواق وعلى الأرصفة!!



    أرادت (فاطمة) أن تستكشف شيئاً من خبايا نفسية أشواق فسألتها:

    إن من طلب شيئاً بحث عنه وسعى إلى تحصيله وما دمت تطلبين السعادة والأمان الذي يسد جوعك النفسي.. فهل بحثتِ عن هذه السعادة؟



    فقالت أشواق بنبرة جادة: لقد بحثت عن السعادة في كل شيء.. فما وجدتها!!!



    الملابس الفاخرة

    لقد كنت ألبس أفخر الملابس وأفخمها من أرقى بيوت الأزياء العالمية.. ظناً مني أن السعادة حين تشير إلى ملابس فلانة.. أو تمدحها وتثني عليها فلانة أو تتابعني نظرات الإعجاب من فلانة، ولكنني سرعان ما اكتشفت الحقيقة الأليمة، إنها سعادة زائفة وهمية.. لا تبقى إلا ساعة بل أقل ثم يصبح ذلك الفستان الجديد الذي كنت أظن أن السعادة فيه مثل سائر ملابسي القديمة.. ويعود الهم والضيق والمرارة إلى نفسي.. وأشعر بالفراغ.. والوحدة تحاصرني من كل جانب.. ولو كان حولي مئات الزميلات والصديقات!!



    الرحلات والسفر

    ظننت أن السعادة في الرحلات والسفرات.. والتنقل من بلد لآخر.. ومن شاطئ لآخر.. ومن فندق لفندق.. فكنت أسافر مع والدي وعائلتي.. لنطوف العالم في الإجازات.. ولكني كنت أعود من كل رحلة.. وقد ازداد همي وضيقي.. وازدادت الوحشة التي أشعر بها تجتاح كياني..



    وهذا هو حال بعض الفتيات فمن يا ترى السبب؟

    انتظر الردود

    تشاااااااو
     
  2. جاري تحميل الصفحة...

    مواضيع مشابهة في منتدى التاريخ
    الآااان ... أمسيات أسس حياتك الحوارية 4 المنتدى العام ‏11 نوفمبر 2012
    حوار عائلي يفرط من الضحك المنتدى العام ‏21 يوليو 2009
    حوار خطير بين زوجين ليلة الزفاف وبعد سنه والفرق شاسع ...بسرعه المنتدى العام ‏17 يوليو 2009
    حوار طريـف بيـن الرجـــــل والمـــــرأة المنتدى العام ‏24 يونيو 2009
    حوار زوجين في أول يوم زواج ...‎ المنتدى العام ‏10 يونيو 2009
    حوار بين عاشقين لحظة الفراق.......؟ المنتدى العام ‏30 مايو 2009

  3. الاب و الام
    برأي ان الاب و الام هم الذين يجمعون شمل الاسرة
    و كل مشكلة تؤثر على الاب او الام فاكيد الاسرة باكملها سوف
    تعتريها شي من الكبت و الحزن
    و الحمد لله لقد رزقني الله باجمل و احسن اب و ام في الدنيا


    المهم
    سلمت يداك ع الموضوع الرائع
    جدا
    و بانتظار جديدك
    كينا
     
  4. يسلموووووووووووووووووووووووووووووووووو
     
  5. شكراااااااا عالمو ضوع الرا ئع