روايـــ‘ــة الرمـــ‘ــادي * ْ بقلمـْــي

الموضوع في 'الروايات والقصص' بواسطة اسامي, بتاريخ ‏24 يونيو 2010.

[ مشاركة هذه الصفحة ]

  1. [​IMG]

    .



    [​IMG]



















































    [​IMG]..




    بسمـ., اللهـ., الرحمنـ., الرحيمـ.,



    (( الرمـــــــــــادي ))







    يسعدنــــــــي أن ألتقــــي
    بكم مجددا في صفحــة جديدة
    و موضـــوع مختلف ..

    كتبت ها هنــا
    رواية أردتها أن تكون رومانسية
    و أضـفت اليـها الأكشن الذي لا أستغني عنه في أي من كتاباتي

    ستجدونها خيالية ..
    مختلفة و مثيرة أيضا ..


    و في النهاية آمــل أن تنــــال اعجـــــابكم


    أتركـكم مع الرواية .........












    _يرجــــى عـ‘ــدم الرد ...
     
    • أعجبني أعجبني x 1
  2. [​IMG]..












    الأبيض و الأسود ...

    الخير و الشر ...



    هل هكذا هي حياتنا بالفعل ؟؟

    أم أن اللون (الرمادي)
    يطغى فيصير الحكم أمرا مستحيلا ؟؟

    ما هو الصواب في قاموسك ؟؟

    أهو طريق ناصع (أبيض)
    كل من يحيد عنه للحظة يعد منتشيا في(السواد) ؟؟

    غارقا لا مجال له للعودة ؟؟




    هل تؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة ؟؟

    أيجعلك إنقيادك وراء الصواب تقوم بما يتنافى معه أحيانا ؟؟

    كيف تصنف هذه المفارقة ؟؟






    قصتي تجري أحداثها في عالم متخيل ...

    تحكي عن (شر)
    ينمو في عتمة الأوكار ...

    و عن (خير)
    يزهر تحت دفء الأنوار ...

    و عن لون ثالث في هذه الحياة ...

    اللون ((الرمادي))
    .




    كل حرف سطره قلمي من نسج الخيال...

    و لكن ذلك لا ينفي وجود حقائق نلحظها في حياتنا و واقعنا...

    حقائق تجعلنا نتساءل بإستمرار ...

    من على صواب ؟؟؟








    [​IMG]..


    (( الرمـــــــــــــادي )) ​










    تمهيد :_



    ها هو يقرب الناي من شفتيه من جديد ..

    ليعزف ذلك اللحن الحزين ..

    لحن وداع .. لحن رثاء .. لحن موت و نهاية !!



    فيما يلفظ آخر أنفاسه الهالكة .. وحيدا .. في ظلمة تلك الأرض المقفرة.

    كان يجلس فوق الصخور الضخمة ،

    تحت ضوء قمر تلك الليلة الصافية.

    كان يجلس واضعا قدمه اليمنى على الحافة الصخرية ليتوازن فوق ذلك الحيز الصغير.

    إلا أنه بدا مرتاحا في جلسته وهو يسرح مع أنغامه الكئيبة التي لطالما عزفها على مسامع أعدائه ليلة (موتهم)
    .

    شيء ما في لحنه الهادئ الحزين يبدو كأنين معذب ،

    يروي قصته و ألمه.

    لم أفهم لما ؟

    رؤية العذاب في عيني ضحيته لم يكن ما يستهويه ،

    رغم أنه كان يتعمد تركهم يموتون بأبطئ طريقة.

    تختلط أنفاسهم مع نغمات مقطوعته.

    كانوا يفارقون الحياة دوما مع آخر نغمة يختتم بها مقطوعته الساحرة.

    وكأنهم جزء من عرض مسرحي يديره ببراعة.



    أعرفه إلى حد الجنون..

    إلى حد جعلني أحس و أفهم تلك المشاعر الكامنة وراء ألحانه..

    وداع شخص عزيز..

    ألم الفراق..

    حمل مضني..

    و إعتراف بكلمة (أحبك)
    ..



    إستمر في النفخ عبر تلك الحلقة المذهبة من نايه الأسود ،

    مصدرا أعذب الألحان ،

    يعزف هذه المرة لحن وداعه هو ..

    و لحن وفاته ...

    تحت ضوء القمر ..

    يزرق شعره رويدا رويدا ...

    و تتخلله النسمات الهادئة ...

    و يصدح صوت ذلك الناي الشجي في الأرجاء ...


    ....​










    _يرجـــى عـ‘ــدم الرد ..
     
  3. [​IMG]









    ][ الفصل الأول ][

    (1)



    ( فرقة سيزرس )







    تململت على مقعدي في الحافلة بضيق ،

    أنا أكره السفر إلى أي مكان.

    خاصة إذا كان السفر متعبا طويلا.

    رحلتي بالطائرة وحدها استغرقت ستة ساعات ،

    و الآن علي أن استقل الحافلة حتى العاصمة ، و تلك رحلة ستستغرق ساعتين على أقل تقدير.



    طوال الرحلة في الطائرة كان ذهني شاردا ،

    لم أكن مرتعبة كالبعض من تجربة الطيران.

    و لم أشعر بحماسة إستكشاف شيء جديد كما يشعر السياح عادة.

    لم أشعر حتى بمرورنا بمطبات هوائية.

    فقد كانت الكآبة التي تغرقني أكبر من ذلك كله !

    كنت متأكدة من أني الوحيدة بين ركاب هذه الطائرة الكبيرة ، التي لا تشعر بالحماس لذهابها إلى (لندن)

    لازلت أذكر كلمات زميلاتي اللواتي فرحن و تحمسن لهذه الفكرة و تمنين لو أنهن في مكاني.

    لو كان الأمر بيدي ما كنت لأتردد في تبادل الأماكن مع أي واحدة منهن !

    نظرت من النافذة إلى الطريق بكآبة.

    من أخدع ؟

    حتى أنه لم يأتي لإستقبالي في المطار ، لكانت الرحلة إلى البيت أقصر بوجوده على الأقل ،

    و لكنه لا يكترث أبدا.

    أطلقت زفرة حارة أعقبتها بتنهيدة طويلة ، من المستحيل أن أتأقلم الحياة مع

    والدي.

    مضت خمس سنوات مذ غادرت هذه المدينة ، و لم اتوقع أبدا عودتي بهذا الشكل.

    الكل يعرفني و يعرف والداي و قصتهما ،

    لذا سيكون مستحيلا أن يروا الإبنة التي اختارت المغادرة مع والدتها قبل زمن ،

    و هي تعود للعيش مع أبيها الآن دون أن يطلقوا كل أنواع الشائعات ،

    و دون أن يضخموا المسألة.

    حبذا لو يتجاهلوني فأنا أفضل ذلك على أن أكون محور حديث كل اثنين يقفان معا في الطريق.

    انفصل أبي و أمي قبل خمس سنوات ،

    لم يحدث أي طلاق ،

    و بحسب ما فهمته كان والدي قد رفض الطلاق حينها.

    بالطبع ما كانت أمي لترضى بذلك بسهولة،

    لذا رفعت دعوى قضائية على أبي ،

    بالإمكان تصور كم كانت حربا ضارية بين الإثنين ،

    لم يفز فيها أي منهما ، أرادت أمي الطلاق ،

    و أراد أبي الوصاية علي مقابل ذلك.

    ليس لإهتمامه أو لحبه،

    بل لأنه أراد كسب تلك الحرب مهما كلفه الأمر.

    لا أذكر أيا من تلك الأمور ، و لكني اتذكر اليوم الذي غادرت فيه هذه البلاد مع أمي.

    و اتذكر كل مناسبة أو ذكرى مرت من دون أن أحضى بأي شيء من والدي يذكرني به ،

    لا رسالة و لا هدايا أو مكالمات هاتفية و لا حتى بطاقات بريدية.

    كان الأمر كما لو أنه نسي وجودي تماما.

    استمر ذلك حتى شهر نوفمبر الماضي.

    حتى حصلت الكارثة..و دون أن أفهم كيف أو لماذا ؟

    وجدت رسالة من أبي يأمرني فيها أن أسافر إليه بأسرع وقت.

    كانت كلماته سخيفة إلى حد الغضب.‏

    أبعد مرور عامين على وفاة أمي ، يتذكر فجأة أنني وحيدة ؟!

    لقد كان هذا الأمر القانوني أسوأ خبر بعد وفاة أمي.

    لا أعتقد أني سأستوعب هذا يوما ،

    و الآن و بفضل هذه القوانين صار محتما أن أنتقل إلى لندن ،

    و صار محتما علي العيش مع والدي الذي تذكر فجأة أن له ابنة في مكان ما لا يدري عنها.





    دخلنا وسط المدينة الآن فتركت سرحاني في تلك الذكريات لأركز على الطريق.

    مضت خمس سنوات لم أرى العاصمة خلالها.

    بدا مشهد المباني الشاهقة كئيبة الألوان و التي تكاد تلامس السماء مألوفا..

    و كذلك منظر الشوارع المكتضة بالسيارات و البشر على حد سواء..

    كنت أرى بين الحين و الآخر مجمعات و أسواق تجارية كبيرة..

    و حدائق و متنزهات خضراء جميلة..

    كانت حديثة ، لم تكن هذه هي مدينة لندن نفسها التي تركتها قبل خمس سنوات..

    كان من الممكن أن تكون مكانا غير سيئ،

    لو لم يكن هناك شيء آخر تغير أيضا خلال ذلك الزمن..

    وهو كيفية شعوري اتجاه أبي .. أصبحت أشعر بالكره تجاهه ،

    نعم أكرهه فحتى كلمة " لا أحبه " غير كافية للتعبير.

    لقد تناسى كل شيء يخصني خلال الأزمة التي مررت بها بعد وفاة أمي و لكنه طالب بالوصاية الآن !

    و كأني احتاج اليه و أنا في السابعة عشرة.

    و مع هذا سأحاول أن أكون أكثر إيجابية خلال هذه المدة.

    هذه بريطانيا..

    بالرغم من السوء الذي يبدو عليه هذا إلا أني متمسكة بقراري ،

    سنة واحدة أحصل بعدها على الحرية.

    لا داعي لأن أصنع تعاستي بنفسي و أفكر في البقاء معه لمدة أطول.

    اضطررت إلى أن استقل سيارة أجرة من موقف الحافلات و حتى البيت.

    لحسن الحظ مازلت أذكر العنوان.

    دفعت أجرة السائق و صرت مفلسة تماما.

    أخذت نفسا عميقا و أنا أراقب سيارة الأجرة التي اختفت عند المنعطف.

    ثم رحت أتأمل الشارع..

    و البيوت المحيطة..

    و بيتنا القديم..

    البيت الذي جمعنا كلنا ذات يوم.

    فوجئت به أصغر مما اتذكر.

    كان طلاؤه الأزرق قديما كما هو ،

    و كانت شجرة التفاح الضخمة تطل بأغصانها من خلف سور البيت الكبير.

    جعلني المنظر المألوف أشعر أن كل شيء سيكون بخير.

    دخلت من باب سور منزلنا الصغير ،

    و جررت خلفي حقيبتي الكبيرة ذات العجلات و أنا أرسم ابتسامة حقيقية قدر المستطاع.

    لم أكن أعتزم استقباله بالعبوس بعد تلك السنوات كلها.

    قرعت جرس الباب القديم ،

    فارتفع زعيقه المزعج و كأنه صوت قط يسحق ذيله في كل مرة.

    ابتسمت .. كان يحلو لي اللعب به و ازعاج من بالبيت بصوته.












    _يرجـــى عــ‘ــدم الرد ....
     
  4. [​IMG]






    فوجئت بامرأة في حوالي الثلاثينات تفتح لي الباب عوضا عن أبي.

    هل اخطأت العنوان ؟

    كلا أنا واثقة .. هذا هو البيت.

    ابتسمت لي بدت جميلة ، و تلك العينان ذكرتاني فورا بأمي ، قالت :

    ((لابد و أنك " سمر " ، لقد كبرت و صرت فتاة أجمل بكثير مما تصورت.))



    كان علي أن أجعل ذاكرتي تعمل فقلت و أنا أحاول أن اتذكرها من الماضي :

    ((هل تعرفينني ؟!))



    هزت رأسها نفيا و ضحكت قائلة :

    ((ليس شخصيا !

    رأيت صور طفولتك و كنت أعلم أنك صرت شابة الآن .. و لكنني فوجئت فعلا .. تشبهين أباك كثيرا.))



    لا أدري ما الذي أزعجني بالضبط ،

    كون إمرأة غريبة في منزل أبي تتطلع على صوري و ترحب بي نيابة عنه ،

    أم تشبيهها لي بأبي الذي يزعجني أن ارتبط به في أي شيء.

    وجدت نفسي أهتف عابسة :

    ((و من أنت ؟))



    خرج صوتي حادا أكثر مما ينبغي ،

    عرفت ذلك حين ظهرت علائم الضيق على وجهها وهي تجيب بلهجة خالية من كل آثار مرحها قبل لحظة :

    ((أنا ادعى "مارلين" أسكن في ذاك المنزل.))



    و أشارت إلى بيت حديث البناء ، لم يكن له وجود في السابق كما أذكر ،

    كان يطل من الطرف المقابل لبيتنا ، يفصل بيننا الشارع فقط.

    تأملت للحظة ذلك السياج الأبيض و حديقة الأزهار المنمقة و المنزل الحجري الأنيق ،

    ثم عدت أنظر إليها بغير فهم ،

    هل تظن أنها أجابت عن سؤالي ؟

    قالت محاولة أن تبدي الحماسة :

    ((أنا جارتكم الجديدة!))



    ضحكت ثم تابعت :

    ((لست جديدة فعلا ، فقد انتقلت للسكن هنا قبل عامين.

    لقد طلب مني والدك أن أبقى لإستقبالك لأنه مشغول بعمله و لم يستطع البقاء.))



    عادت تبتسم بمرح و هي تتقدم نحوي و تحمل الحقيبة عني عند صعودي على درجات الباب.

    تقدمتني إلى غرفة الجلوس ثم إستدارت حين وصلنا و قالت بابتسامة :

    ((هل تحتاجين أي مساعدة ؟

    لقد جهزت لك غرفتك و رتبتها.))



    نظرت إليها بصدمة ،

    لاحظت ذلك لذا بادرت بالتحدث بتهذيب :

    ((شكرا لك سيدة مارلين..))



    قاطعتني هاتفة :

    ((نادني مارلين فحسب، في الواقع .. أنا آنسة !))



    قالتها و غمزت لي.

    إرتفع حاجباي لهذه الحقائق الجديدة ، لكني لم أجد بدا من أن أومأ برأسي و ابتسم مجاملة.

    ستكون سنة طويلة جدا !

    و خاصة إذا كان ما أظنه صحيحا.

    تنحنحت مغمغمة :

    ((هل سيتأخر والدي؟))



    لم أغامر بالجلوس البتة ، كنت آمل في أن تنصرف إلى بيتها.

    فتظاهرت بالإهتمام و أنا استمع لثرثرة كان ملخصها أن والدي لن يعود قبل المساء و أنها حضرت لي شيئا لأتناوله و وضعته في البراد.

    إنها لطيفة .. لطيفة إلى حد الازعاج.

    لم انتبه سوى على عبارتها الأخيرة :

    ((سأذهب الآن .. نادي علي إن احتجتي إلى أي شيء .. أصبحت تعرفين مكاني.))



    ابتسمت و أنا أمشي معها إلى الباب :

    ((شكرا لك .. أنت لطيفة للغاية !))



    أجل .. لطيفة أكثر من اللازم.

    ابتسمت و قالت سعيدة :

    ((آه هذا رائع يا عزيزتي .. سنكون صديقتين مقربتين !))



    لم أجد ما أقوله فإكتفيت بالابتسام ،

    أما هي فقد ربتت على رأسي كما لو أني صبي في الخامسة ثم انطلقت نحو بيتها سعيدة.

    شيء ما يقول لي أنها أكثر من مجرد جارة طيبة تشفق على ابنة جارها الذي يصادف أنه (أعزب) .. فتحضر له العشاء و ترتب البيت لإستقبال ابنته وهي تأمل أن تكون علاقتها طيبة بها.



    دخلت إلى غرفتي منهكة ، زعقت غاضبة و أنا أخلع حذائي لأدفن نفسي تحت لحاف سريري الدافئ.

    هذا ما كان ينقصني ..

    لم أحب تلك المرأة بقدر ما كانت لطيفة ،

    و لم أستطع تصور والدي مرتبطا بأخرى رغم كرهي له.

    غفوت و أنا أدعو الله أن لا يحدث أي شيء رسمي بينهما حتى اليوم الذي أبتعد فيه .. لم أكن قادرة على التدخل في حياته ،

    و لم تكن أعصابي جاهزة لمثل هذا الحدث أبدا.











    _انتهـــــــــى الجزء الأول من الفصل الأول ...
    لآ تبخلــــــوا بردودكم و تقييماتكم ...
     
  5. ابداع فعلا
    موضوع و روايه رائعين و مميزين
    سلمت يمناك على الطرح الرائع
    دمتي مبدعه
    بإنتظار كل جديدك
    في امان الله
    +
    تم التقييم + التثبيت
     
  6. السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
    WoOoOoOoOoOoW×WoOoOoOoOoOow
    وأإأإاإأإأإاإأإأإاإأإأإاإو×وأإأإاإأإأإاإأإأإاإأإأإاإأإأإاإأإأإاإأإأإاإو

    الرواية جميلة جدا رائعة كدهلى
    لحضة لكي ارتب كلمي

    اولا البداية رائعة ومشوقة التفاصيل الألى رائعة

    تم المقدمة جميلة جدا لقد اضفت معنى للقصة

    و الفواصل رائعة ايضا

    والقصة جمييلة جدا وسأقرئها بعد التعليق

    و الخط جميل والزخرفة ايضا

    بإنتضار الجزء التاني

    ويستاهل الثتبيت

    تقبلي مروري البسيط

    +

    5 نجووووم تقييييييم

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتة

     

  7. أهـلآ فيك أخـــــي

    شكـــــرآ على التثبيت

    و التقييم

    يسلمـــــــوو

    دمت بود
     


  8. أهليــــــــــن أختي أماني

    مشكوورة حبيبتــــــي على الرد الرائع

    يسلمـــــــوو

    خليكي متابعة و ان شاء الله اكون عند حسن الظن

    ســـــــــلآمي
     
  9. [​IMG]






    ( فرقة سيزرس )

    (2)




    كنت ما أزال مشوشة حين استيقظت و فتحت عيني ،

    تلفت حولي و لم أتعرف المكان أول الأمر ،

    كانت خزانة خشب الأرز الكبيرة على الحائط الجنوبي قرب الباب أول ما وقعت عليه عيناي.

    ذلك لأنها كانت في الجهة المقابلة لسريري.

    و على يميني كانت النافذة التي تطل على الشارع و حديقة المنزل ،

    عليها ستائر زهرية و بيضاء اللون ،

    و عند الحائط الأيسر طاولة و كرسي للكتابة ،

    أما بجانبي فكانت هناك منضدة صغيرة عليها ساعة و مصباح كهربائي.

    أخذت نفسا عميقا ، حتى رائحة لحافي بدت غريبة لي.

    ثم شيئا فشيئا بدأ عقلي يصحو ليتذكر ،

    أنا الآن في غرفتي في منزل أبي.

    نهضت متعبة و رحت أمدد عضلات جسدي المتيبسة.

    تذكرت والدي فجأة .. ربما يكون قد عاد الآن.

    كانت الساعة تشير إلى الثامنة مساءا.

    سرت إلى النافذة لأفتحها ،

    كنت ذاهلة من استطاعتي النوم كل هذا الوقت.

    رأيت الشارع المظلم إلا من مصباحين اثنين،

    و لكن سيارة أبي لم تكن موجودة هو ليس هنا إذا.

    عاد الإكتئاب إلي سريعا حين رأيت منزل مارلين.

    فقررت إغلاق النافذة !

    نظرت إلى نفسي ،

    كنت لا أزال أرتدي السترة و القميص الأبيض و الجينز ذاته منذ ليلة البارحة.

    زفرت بإنزعاج .. لقد كانت رحلة طويلة و متعبة.

    توجهت إلى حقيبتي التي لاحظتها بعد أن بدأ عقلي يعمل ،

    و أخرجت بيجاما النوم و مضيت إلى الحمام الوحيد في المنزل.

    كان يقع في نهاية الرواق الصغير ، بعد غرفة والدي.

    سيكون علي المرور من أمامها كلما احتجت اليه .. تلك الفكرة لم تسرني أبدا.





    شرعت بتفريغ حقيبتي بعد أن إنتهيت من حمامي.

    لم تكن ملابسي كثيرة لكنها كانت كافية برأيي.

    تذكرت قول أمي ، أن الفتاة لا تحضى أبدا بكفايتها من الثياب !

    لكني كنت أعي أوضاعنا المادية فلم أكن أثقل عليها بطلباتي.

    إنسابت الدموع على وجنتي حين فكرت فيها.

    إن شعوري بالوحدة و إشتياقي لها يتضاعف هنا !

    أسرعت بمسح دموعي ،

    قررت تأجيل البكاء حتى آخر الليل ،

    حين لا يقاطعني أحد.

    لا أرغب بتفسير سبب دموعي لأبي الذي سيعود في أي لحظة.

    تابعت إفراغ حقيبتي و كنت على وشك الإنتهاء حين عثرت على مشغل الأقراص المدمجة ، كانت صديقتي رؤى قد أهدتني إياه في عيد ميلادي الأخير.

    ((أجل .. !))



    صحت و أنا أبحث بين ما تبقى من الثياب داخل الحقيبة عن

    أسطوانة لفرقة سيزرس.

    كانت الهدية الأخيرة من رؤى حين رأيتها قبل مغادرتي بيوم ،

    أهدتني أسطوانة موسيقية للفرقة الأكثر شعبية في بريطانيا رغم أنها تعرف أني لا أحب هذا النوع من الموسيقى العصرية ، أنا لم استمع إليها حتى الآن.

    وجدت الأسطوانة ذات الغلاف البلاستيكي الأسود و عليها كتابة بيضاء تبدو كلطخة طلاء فوضوية.

    كان اسم الفرقة قد كتب عليها سيزرس

    (مقصات) أجد الإسم سخيفا جدا !

    لكن رؤى أكدت لي أن أغانيهم جميلة بقدر ما هم جذابون !

    وجدت نفسي ابتسم.

    كانت رؤى بخلافي ،

    لا تجد أي مشكلة في التحدث كمراهقة مفتونة.

    بينما أنا لا أستطيع أن أتحدث في شيء يشبه ذلك حتى مع نفسي !

    وضعت سماعتي الأذن ثم قمت بوضع الأسطوانة داخل جهاز الأقراص المدمجة و تشغيلها دون أن أنظر إلى صورة أعضاء الفرقة على الغلاف.

    و واصلت ترتيب ثيابي و بقية أغراضي في الخزانة و أنا استمع إلى موسيقى البداية.

    استمعت إلى الكلمات و الألحان التي كانت حزينة معظم الأغنية.

    كانت رؤى على حق .. أنهم بارعون فعلا.
     
  10. [​IMG]









    (فرقة سيزرس)

    (3)



    كنت أعلق آخر ثوب في الخزانة حين تسمرت فجأة !

    مع انتهاء المغني الرئيسي للغناء ..

    سمعت عزفا ختاميا للأغنية ..

    كانت ألحانا صادرة من ناي ..كما خمنت ..

    لكنها كانت مختلفة عن أي لحن سمعت من قبل ..

    ظللت ساكنة حتى بعد انتهاء آخر نغمة ..

    لقد كانت عذبة إلى حد لا يصدق !

    أوقفت الجهاز قبل بدء الأغنية التالية و

    أسرعت التقط الغلاف البلاستيكي من الأرض لأتمعن في اسماء أعضاء الفرقة..

    المغني الرئيسي ..

    و الكورس ..

    عازف الطبل.. و الغيتار..

    كلها اسماء لم تهمني..

    كنت أريد معرفة اسم عازف الناي !

    ذلك الذي يعزف ألحانا لا يكاد العقل يصدقها..

    قرأت أخيرا :

    اسم " غري " !

    لم يكن اسمه الثاني مدونا كالبقية..

    و لكن ما سر هذا العازف ؟



    قلبت الأسطوانة لأنظر إلى الجهة الأخرى ،

    تمعنت في صورة أعضاء الفرقة ،

    لقد كانوا كأي مجموعة من النجوم أو المشاهير .. متألقي المظهر ، لم يكن هناك فارق كبير بيني و بينهم في العمر.

    كانوا كما سمعت عنهم وسيمين كأبطال السينما.

    لكن واحدا لفت انتباهي و أثار دهشتي ،

    لقد كان أجملهم إلا أن لون شعره كان عجيبا.

    لقد كان رمادي اللون أقرب إلى الفضي !

    لابد و أنه كان من الجنون بما يكفي ليطلي رأسه كمغنيي الروك أند رول !

    طلاه باللون الرمادي.

    انتفضت حين توضحت الصورة في ذهني فجأة..

    هذا هو معنى اسمه (غري = رمادي)

    إنه هو نفسه عازف الناي !




    واصلت قراءة كل المعلومات على الغلاف ، حتى قائمة الأغاني.

    فوجئت حين وجدت أغنية كتب اسمه إلى جانبها بشكل خاص.

    فعدت أشغل الجهاز من جديد على الأغنية رقم ثلاثة .. الأغنية التي تحمل اسمه ،

    كنت متحمسة .. أردت التأكد إن كانت ألحانه جميلة بقدر ما تصورت قبل لحظة.

    جلست على سريري انتظر البداية بفارغ الصبر.

    وصلت نغمات متفرقة إلى أذني ..

    كانت أعذب بكثير مما تصورت ..

    ثم بدأت الألحان تتخذ مسارا معينا..

    كانت هادئة .. عذبة .. و حزينة !

    لقد كان لحنا سحريا يفعل بي شيئا عجبا لم أستطع فهمه ..

    تعالت خفقات قلبي و شعرت كمن يسبح في الفضاء ..

    وجدت كل ذكرياتي تتدافع داخل عقلي ..

    كانت مشاعري تتضارب ..

    لمست السعادة في كل لحظة سعيدة مرت في ذهني ..

    كما لمست الحزن و اليأس مع كل لحظة بؤس من ذكرياتي..

    كنت أعيش مع كل نغمة من نغماته ذكرى بعيدة ..

    و ذكرى خيالية ضبابية لم تحدث بعد ..

    و وسط ذلك التناقض و التضارب في أعماقي..

    راحت النغمات تعلو

    و تعلو بأحاسيسي على نحو عظيم يصعب تفسيره ..



    انتهت موسيقى الناي الساحرة التي خدرت عقلي.

    حتما إنها ليست موسيقى طبيعية !

    و حتما أنا لم أسمع شيئا كهذا قبلا !

    رحت التقط أنفاسي بسرعة بعد انتهاء تلك الألحان ،

    كان علي أن اهدأ عقلي الذي كان يرفض تصديق أن هذا اللحن الساحر إلى هذه الدرجة ، غير طبيعي و خارج نطاق المألوف !


    كانت النظرية التي حاول جانبي (العقلاني) اقناعي بها هي ،

    أني متوهمة و مرهقة بسبب رحلتي الطويلة من أقصى الجنوب و حتى هنا !

    هززت رأسي محاولة نسيان كل ذلك ثم إستلقيت على السرير بشكل أفقي و قدماي تلامسان الأرض.


    لم يكن سهلا إسكات ذلك الجزء المتمرد في رأسي الذي أصر على رأيه.


    ((ليست ألحانا سحرية!))



    قلتها بصوت مرتفع و لكني لم أقتنع البتة !


    أخذت غلاف الاسطوانة من جديد و تأملتها مليا،

    هل يشعر جميع من يستمع لهذه الموسيقى كما شعرت أنا ؟!

    أليس الناي آلة عزف شرقية ؟!

    إذا كيف يعقل أن يكون هناك عازف ناي بين أعضاء فرقة موسيقية عصرية في بريطانيا ؟!



    هممت بتشغيل الأغنية مجددا لكني عدلت عن ذلك.


    لم تمضي سوى ساعات قليلة على وجودي هنا و ها أنا أفقد عقلي !






    قررت أن أحول تفكيري إلى شيء آخر ،

    كالطعام مثلا !

    أنا لم آكل وجبة حقيقية منذ مساء يوم الأمس ،

    لقد كنت جائعة إلى حد جعلني شاكرة لمارلين على إعدادها العشاء مسبقا.

    أنهضت جسدي محاولة مقاومة ذلك الإغراء الشديد بأخذ جهاز الأقراص المدمجة معي إلى المطبخ حتى استمع لغري و فرقة سيزرس و أنا أتناول طعامي.

    كانت رغبتي تصارع عقلانية تفكيري ،

    و لكني حسمت ذلك الصراع هاتفة :

    ((إنها مجرد موسيقى .. ولا ضرر في الاستماع إليها.. إنما ليس الآن !))



    بقدر ما بدت جملتي هذه منطقية ،

    بقدر ما كنت أشعر بالغرابة و القلق من تأثير هذه الموسيقى علي.



    توجهت للمطبخ الذي كان أسفل الدرج إلى جانب باب الخروج.

    فتحت الثلاجة فوجدت طبق لازانيا يكفي شخصين.

    تلك كانت الوجبة التي حضرتها مارلين.

    أخرجتها من البراد و وضعتها في المايكرويف حتى أسخنها.

    ابتسمت .. كنت أتوقع وجود مثل هذا الجهاز لدى والدي ،

    معضم الرجال لا يحبون الطهو و خاصة أبي ،

    و أنا ورثت ذلك عنه.

    فرغم معرفتي بكيفية إعداد بعض الأطباق ،

    إلا أني لا أحب الطهو أبدا.

    لو ترك الأمر لي لعشت على رقائق الذرة بقية حياتي !

    هكذا كانت أمي تقول.

    سمعت حركة ثم صوت بالباب ،

    تقدمت حتى أطل من باب المطبخ ،

    استطعت رؤية من كان ذلك شخص.

    و لكن موجة من الضيق غمرت صدري فلم أتحرك من مكاني أو أنطق.








    نظر إلي .. مازال كما هو ، لم تغيره تلك السنوات كما غيرتني.

    لم تسرني رؤية تلك العينين الداكنتين و لا لمحة البرود التي تظهر فيهما دوما.

    وجدت أنه يشبهني الآن أكثر من أي وقت مضى ،

    العينين .. الملامح .. لون البني الداكن للشعر و الذي يبدو في تضاد مع البشرة البيضاء ..

    و تلك الإبتسامة .. !

    ابتسم بلطف حين وقعت عيناه علي و قال :

    ((سمر .. أهلا !))



    غمغمت من مكاني بصوت بدا كالهمس :

    ((مرحبا .. أبي !))



    لم أعلم ماذا يفترض بي أن أفعل بعد مرور هذا الزمن كله ،

    هل أكتفي بهذه التحية ؟!

    أم هل علي مصافحته .. أم ماذا ؟!

    لم يتركني لحيرتي طويلا ،

    فقد وضع حقيبة عمله و الملفات التي كانت معه أرضا ليتقدم نحوي.

    أمسك بكتفي بيديه الإثنتين و حدق في وجهي لحظة و كأنه يتحقق من شيء ما ، ثم إحتضنني على نحو غريب.

    لم أشعر بشيء و أنا بين أحضانه بعد غياب خمس سنوات و لم ينطق أي منا بكلمة.

    قلت حين تركني :

    ((العشاء جاهز !))



    قال بصوت مدهوش :

    ((هل أعددت العشاء؟!))



    هززت رأسي نفيا عندما كان يلتقط حقيبته و أوراقه من الأرض و قلت بصوت مرتفع مسموع و أنا أعود للمطبخ :

    ((لقد كان جاهزا حتى قبل وصولي !))



    رتبت صحنين على الطاولة و أخرجت الوجبة من المايكرويف ، كنت أحاول أن أبدو طبيعية قدر المستطاع.

    جلست إلى الطاولة الصغيرة في إنتظاره.

    وصل صوت أبي الذاهل قبل صاحبه :

    ((قلت كان جاهزا قبل وصولك ؟!))



    دخل من الباب و جلس إلى الطاولة.

    كان قد نزع سترته الرسمية و رفع كمي قميصه.

    أخذ الشوكة و بدأ بالأكل.

    لم يعجبني تصرفه على أن عشاءنا روتيني عادي ،

    كما لو أن وجودي ليس شيئا جديدا عليه.

    قلت و أنا أرفع ملعقتي دون أن آكل :

    ((إلتقيت السيدة .. أقصد الآنسة مارلين و أخبرتني أنها هي من أعدت هذا الطعام.))



    توقف قليلا عن الأكل و قال بجفاف :

    ((لطف منها !))



    تفاجأت من ردة فعله و لكني سرعان ما علمت أن هذا الجفاف مجرد قناع على الأرجح.

    تناولت القليل من صحني و أنا أنتقي في ذهني الكلمات الملائمة لسؤالي التالي و الذي سأحصل منه على إجابة شافية تثبت صحة ظني.

    تنحنحت ثم قلت محاولة فتح باب النقاش من جديد :

    ((أخبرتني مارلين أنها تسكن هنا منذ عامين ،

    إنها امرأة لطيفة و جميلة جدا !))



    لم يكن هناك داعي لذلك التلميح لكني كنت صادقة في هذا ،

    إنها شقراء طويلة .. و جميلة.

    توقع تعليق ما من أبي يؤكد نظريتي كان أمرا مبالغا فيه.

    لذا كنت سأكتفي بقراءة التعبير الذي سيظهر على وجهه من جراء ذكر الموضوع.

    لم يرفع عينيه عن صحنه أو يبدو مهتما ،

    هز رأسه و وافقني قائلا :

    ((إنها جارة طيبة.))



    لابد و أنه يظنني ساذجة حتى أكتفي بهذه الإجابة.

    و لكن لما لا ..

    نحن نتحدث عن والدي فلما لا يكون صادقا !

    أنا ابنته التي أمضت خمس سنوات دون أن يكون بينها و بينه تواصل من أي نوع.

    فما الذي يثبت لي أنه مهتم بمارلين فعلا ؟؟

    قررت أن لا أستمر في هذا الموضوع ، لذا واصلت تناول طعامي بصمت.

    كان أبي قد انتهى من صحنه عندما قال :

    ((لقد سجلتك في المدرسة الثانوية ،

    ستبدئين الذهاب إليها منذ الغد !))



    اتسعت عيناي و رددت بصدمة :

    ((مدرسة ثانوية !))



    كنت مستغرقة في كآبتي حتى نسيت موضوع الدراسة تماما.

    إزدردت لقمتي بصعوبة و صرت فجأة أفكر في المتاعب التي تنتظرني صباح الغد.

    نهض أبي و صعد إلى غرفته دون أن يضيف أي كلمة.

    زفرت و رميت الملعقة في الصحن بغضب.

    حتى أنه لم يسأل كيف كانت رحلتك ؟

    عقدت ساعدي و تمتمت ساخرة :

    ((طابت ليلتك أنت أيضا أبي !))



    كنت قد حضيت بكفايتي من النوم لذا لم أكن ناعسة.

    جلست أمام شاشة التلفاز لكن ذهني كان في مكان آخر.

    كنت قلقة أفكر كيف سيكون نهار الغد ؟

    أويت إلى الفراش متأخرة تلك الليلة ،

    و أنا استمع مرارا و تكرارا لعزف غري و غناء فرقته.

    ذرفت الكثير من الدموع لأني وجدت نفسي هذه المرة قادرة على فهم تلك الألحان.. كان مزيدا من الجنون .. لكني فهمتها ..

    كانت الألحان تحكي عن صعوبة فقدان شخص عزيز ،

    و عن مشاعر الشوق التي تنتابك ،

    أحببت تلك الألحان !

    ذلك كان تفسيري للأمر.






    _انتهى الجزء الثاني من الفصل الاول

    في انتظاركـــــــــم ..
     
  11. ويــــــــــــن الردود

    يا شـــــــباب

    ترى و الله أزعل
     
  12. رواية في قمة الروووووعه والامتــــــياز
    منســـــق ومتكااااامل
    اشكرك على هذا التألق
    اتمنى اشوف ابداعك مستمر
    في آآمــــــــــــآآآآن الله
     
  13. واااااو

    رواية ولا احلى


    تسلم خيو على هيك جهد

    لك مودتي